محاضرة مادة مدخل لدكتور أنور سليم السبت 23 نوفمبر 2013

محاضرة مادة / مدخل إلى تاريخ و حضارة مصر القديمة لدكتور أنور سليم

السبت 23 نوفمبر 2013

سنتحدث عن ملك هام جدا هو "تحتمس الثالث" و يُعرَف في كتب التاريخ باسم "نابليون مصر القديمة" و هو أشهر ملوك الدولة الحديثة و يسمى "الملك الرياضي" و يسمى "الملك مؤسس الإمبراطورية المصرية في عصر الدولة الحديثة" و قد ساواه بعض المؤرخين بالأسكندر الأكبر و كان أفضل من نابليون بونابرت لأنه قاد سبع عشرة حملة عسكرية لم يُهْزَمْ في أي منها أما نابليون بونابرت فقد هُزِمَ .

نسب الملك تحتمس الثالث :

هو ابن الملك تحتمس الثاني من زوجة ثانوية تدعى "إيزيس" و ليس من زوجة رئيسية و نعلم أنه في عهد الأسرة الثامنة عشرة لم يوجد وريث شرعي للعرش من زوجة رئيسية منذ عهد "تحتمس الأول" حتى عهد "تحتمس الثالث" ، فكان لزاما على ابن الملك من زوجته الثانوية أن يتزوج من ابنة الملك من زوجته الرئيسية ليكون له شرعية الجلوس على العرش ، فتحتمس الأول لم ينجب وريثا للعرش من زوجته الرئيسية فاضطر "تحتمس الثاني" أن يتزوج حتشبسوت ابنة تحتمس الأول من زوجته الرئيسية ، كذلك لم ينجب "تحتمس الثاني" من زوجته الرئيسية "حتشبسوت" وريثا للعرش ، فكان عليه أن يتزوج أحد أبنائه من زوجته الثانوية من ابنته من زوجته الرئيسية ، فاضطر "تحتمس الثالث" أن يتزوج من أخته "نفرو رع" ابنة "حتشبسوت" لكن حتشبسوت استغلت صغر سن "تحتمس الثالث" و استطاعت الانفراد بالحكم لمدة عشرين عاما ثم ماتت فانفرد تحتمس الثالث بحكم مصر .

سياسته الداخلية :

اهتم بتربية أبناء الأمراء الأجانب داخل القصر الملكي لشبوا على الثقافة المصرية و ليتولوا حكم البلاد الأجنبية بعد موت آبائهم و يكونوا على ولاء لملك مصر .

في مجال الجيش يعتبر تحتمس الثالث مؤسس الجيش المصري في عصر الدولة الحديثة و أول من قسم الجيش المصري إلى قلب و جناحين و أول من استخدم الحرب الخاطفة أو مباغتة العدو أو عنصر المفاجأة ، كذلك أيضًا اهتم بمجلس شورى الحرب و استشارة القادة قبل خوض المعركة .

سياسته الخارجية :

قاد سبع عشرة حملة حربية لم يهزم و لا مرة فيها و أشهرها كانت معركة مجدو و مجدو تقع في سوريا و حاول فيها أن يعيد الإمبراطورية المصرية إلى سابق عهدها ، فالمعروف أن تحتمس الأول هو من مد حدود مصر في آسيا إلى نهاية نهر الفرات عند مدينة قرقميش و في الجنوب حتى الجندل الرابع .

معركة مجدو :

أسباب الحرب :_

عندما حكمت حتشبسوت عشرين عاما اهتمت بالنواحي الدخلية أكثر من الخارجية رغم أنها ذكرت أنها خاضت الكثير من الحروب و بعد موت تحتمس الثاني قامت الكثير من الثورات في بلاد الشرق الأدنى ضد الحكم المصري لآسيا و كذلك ظهرت قوات جديدة على ساحة القتال في الشرق الأدنى فخاض الملك "تحتمس الثالث" الحروب في آسيا للقضاء على هذه الثورات و إعادة الإمبراطورية التي أقامها جده "تحتمس الأول" .

أحداث الحرب :

تحرك الجيش من طيبة إلى منف عن طريق نهر النيل ثم اتخذ طريق حورس الحربي الذي يبدأ من القنطرة شرق حتى وصل إلى سيناء ثم عبر الجيش سيناء حتى وصل إلى رفح المصرية و منها إلى فلسطين ثم إلى مجدو .

قبل أن يذهب الجيش المصري إلى "مجدو" وصل إلى جبل الكرمل في فلسطين و عسكر هناك . هناك عقد "تحتمس الثالث" مجلس شورى الحرب قبل أن يذهب إلى مجدو و تشاور مع قادة الجيش في شأن القتال و هنا يظهر أن تحتمس الثالث كان أول من قام بدراسة ميدان المعركة قبل أن يخوض المعركة و في مجلس شورى الحرب كان يتشاور حول كيفية الوصول إلى الميدان و كيفية خوض غمار المعركة .
كان يوجد طريقان يوصلان إلى مجدو أحدهما ضيق و لا يسمح بمرور الجيش إلا واحدا واحدا لكنه يوصل مباشرة إلى مجدو حيث يعسكر الأعداء و لكن بالطبع هو طريق خَطِر على الجيش لأن الجنود سيسيرون فيه جندي تلو الآخر و بذلك سيتمكن العدو من مهاجمة مقدمة و مؤخرة الجيش المصري فيقضي عليه . و الطريق الآخر كان واسعا و يسمح بتدفق أعداد كبيرة من قوات الجيش المصري ، فرأى قادة الجيش أن الأفضل هو أن يسلكوا الطريق الواسع و رفضوا أن يسلكوا الطريق الضيق لما فيه من أخطار على الجيش لكن "تحتمس الثالث" بحنكته و خبرته و نشأته كقائد عسكري اختار الطريق الضيق المستقيم لأنه ليس في توقعات العدو فالعدو لن يتوقع أن يسلك المصريون الطريق الضيق لكن القادة اعترضوا عليه فأصر هو على خطته و تحرك الجيش المصري في الطريق الضيق و فعلا وجد العدو مرابطا في الطريق الواسع فانقض عليه الجيش المصري في هجوم خاطف فتقهقر العدو إلى الوراء نحو أسوار مجدو لكن حدث شيء هام هو ان المصريين تهالكوا على جمع الغنائم التي لاحصر لها و كانت كثيرة و من الذهب و الفضة و البرنز و كانت عجلات حربية و أواني و كؤوس و أسلحة و في ظل حرص المصريين على جمع الغنائم تمكن العدو من الوصول إلى مدينة مجدو و دخولها و إغلاق أبوابها و التحصن بأسوارها فحاصرها "تحتمس الثالث" و أقسم أن يأسر كل من فيها ، فظل محاصرا لها حتى نفدت المؤن بها فاستسلمت و استولى عليها و أسر كل من بها و من ضمنهم حاكم مجدو لكنه عامل الأسرى معاملة حسنة و عاد بالغنائم و الأسرى إلى طيبة و كلف الأسرى بتعليم المصريين اللغة الأسيوية و كان لهذه المعركة صدى كبير في بلدان الشرق الأدنى القديم حيث أشعر تحتمس الثالث هذه البلدان من خلال هذه الحرب بقوة مصر و جيشها .

شخصية تحتمس الثالث :

1 _ عامل تحتمس الثالث الأسرى معاملة حسنة و جعلهم يعلمون الناس اللغة الأسيوية و هذا يدل على طيبة تحتمس الثالث و كرمه ، فعندما أسر الفرعون "تحتمس الأول" سبعة أسيويين عاملهم معاملة سيئة حيث ربطهم و علقهم في السفينة التي كانت تنقلهم حتى وصل بهم إلى طيبة .
2 _ في سياسته تجاه ممالكه في آسيا التابعة لمصر عين على كل مملكة إما حاكما مصريا أو أسيويا تربى في القصر الملكي بطيبة ليكون على ولاء لمصر و نتيجة لذلك عندما انهارت الإمبراطورية المصرية في عهد إخناتون حين قام بثورته الدينية كان بعض حكام آسيا لا يزالون على ولاء لمصر .

أشهر الحملات التي قام بها تحتمس الثالث بعد ذلك هي الحملة الثالثة و الحملة الخامسة .
الحملة الثالثة كانت في آسيا و ترجع شهرتها إلى أنه أحضر منها النباتات و الحيوانات التي لم تكن موجودة في مصر لينتجها و يكثر منها في مصر و فعل هذا من قبله حتشبسوت حيث أحضرت النباتات غير الموجودة في مصر لتزرعها في مصر و الحيوانات غير الموجودة في مصر لتربيها في مصر و كذلك فعل تحتمس الثالث .
الحملة الخامسة كانت أيضا في آسيا و المهم فيها أن تحتمس الثالث استخدم طريقة جديدة في الحرب و هو أن يهجم الجيش من البر و الأسطول من البحر في وقت واحد أي تطوير هجوم الجيش من البر و البحر .

كل الحملات الباقية من حملاته السابعة عشرة كانت حملات تفتيشية لإظهار القوة و إخافة العدو في الخارج .

تمت هذه المحاضرة بحمد الله